بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحج
الحج لغة هو القصد والزيارة والإتيان وفي الديانات المختلفة غالبا ما يعرف بأنه رحلة طويلة أو بحث عن دلائل معنوية عظيمة، وأحيانا هو رحلة إلى مزار أو ضريح ذي أهمية أو قدسية في ديانة معينة. يمارس العديد من أتباع الديانات طقوس الحج ويسمى الشخص الذي يؤدي هذه الطقوس بالحاج.
تعريف الحج في اللغة : الحج بفتح الحاء ويجوز كسرها وهو القصد. حج إلينا فلان أي قدم وحَجَّه يحجُّه حجًّا قصده، وقال جماعة من أهل اللغة: الحج القصد لمعظّم قال سيبويه: حجَّه يحجُّه حِجًا كما قالوا: ذكره ذكرًا. والحجيج: جماعة الحاج. قال الأزهري: الحَجُّ قضاء نسك سنة واحدة، وبعض يكسر الحاء فيقول: الحِجُّ والحِجَّة. وقال الله تعالي : {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [النساء: 97]
والفتح أكثرفي مطلع القرن الواحد والعشرين الميلادي، استمرت أعداد الحجاج من أتباع الديانات عمومًا بالازدياد، وقدر عدد الحجاج القاصدين 39 موقعًا من أكثر الأماكن المقصودة للحج إلى 200 مليون زائر سنويا.

الحج في البهائية

ضريح الباب في حيفا
تقتصر مناسك الحج البهائي حاليًا على زيارة الأماكن المقدسة في حيفا وعكا والبهجة في المركز البهائي العالمي الواقع في شمال غرب إسرائيل، حيث لا يستطيع البهائيون في الوقت الحاضر من الوصول إلى الأماكن الأخرى التي تم تحديدها من قِبَل بهاءالله كمواقع للحج.
سنّ بهاءالله حكم الحج في الكتاب الأقدس وحدّد مكانين: بيت بهاءالله في بغداد ، وبيت الباب في شيراز، أي بيت علي محمد الشيرازي المبشّر بظهور بهاءالله. بيّن بهاءالله في لوحيْن منفصليْن، يُعرفان بسورة الحجّ، مناسك خاصّة للحجّ لأيّ من البَيْتيْن.
فقد قال بهاء الله في الكتاب الأقدس: «قد حكم الله لمن استطاع منكم حجّ البيت». وقد بيّن بهاءالله أنّ الحجّ إلى أحد البيتيْن يكفي للقيام بالواجب المفروض في هذه الآية.
في وقتٍ لاحقٍ، حدّد عبدالبهاء مرقد (ضريح) بهاءالله في البهجة كموقعٍ للحج، ولم يتم تحديد مناسك معينةٍ له. ويُعتبر أيضًا قبلة البهائيين منذ وفاة بهاءالله.
نظرًا للأوضاع السياسية الحالية، فإن غالبية البهائيين لا يمكنهم أداء الفريضة ومناسكها في البيتين المخصصين للحج في شيراز بإيران وبغداد بالعراق. وعندما يشير البهائيون حاليًا إلى الحج،
فالمقصود منه حج التسعة أيام في المركز البهائي العالمي في حيفا و عكاء بإسرائيل.
هذا الحج الذي يستمر تسعة أيامٍ لا يحلّ محل الحج إلى بيتي بغداد وشيراز، ومن المقرر أن يؤدي البهائيون مناسك الحج في بيت الباب بشيراز وبيت بهاءالله ببغداد في المستقبل.

بيت بهاء الله في بغداد

منظر عام لمدينة بغداد سنة 1855م

منظر عام لمدينة بغداد سنة 1855م
بهاءالله هو شارع الدين البهائي. أعلن بهاءالله بأن الهدف الرئيس لرسالته هو تحقيق وحدة الجنس البشري.
و تكمن ثلاثة أشكالٍ من الوحدة في جوهر رسالته: الإيمان بوحدانية الله وفردانيته وأنه خالق الكون ومبدعه، والإيمان بوحدة الجنس البشري قاطبةً، والإيمان بأن جميع الأديان السماوية ومؤسسيها هم إله واحد المصدر ويعكسون للبشرية دينًا إلهيًا واحدًا في جوهره، ويستمر متجددًا من عصرٍ إلى عصرٍ تبعًا لتطور البشرية ومدى استعدادها وقابليتها.
يعتبر البهائيون بيت بهاءالله في بغداد، والمعروف أيضًا باسم «البيت الأعظم»، والذي تم تحديده في الكتاب الأقدس كمكانٍ للحج، مكانًا مقدسًا. فهو المكان الذي عاش فيه بهاءالله منذ عام 1853م إلى 1863م (باستثناء عامين عندما اعتكف في جبال كردستان، شمال شرق بغداد، بالقرب من مدينة السليمانية)،
والتي كانت تقع في حي الكاظمية ببغداد، بالقرب من الضفة الغربية لنهر دجلة.
في عام 1922م ، قامت السلطات الشيعية المعادية للدين البهائي بمصادرة البيت. وقد أيّد مجلس عصبة الأمم مطالبة البهائيين بالبيت، لكنه لم يتم إعادته بعد إلى الجامعة البهائية .
في ظروفٍ غير واضحةٍ حاليًا، تم تدمير البيت في يونيو 2013م ، وقد أرسل بيت العدل الأعظم خطابًا إلى جميع المحافل الروحانية المركزية في 27 يونيو لإبلاغهم بهدم البيت.
بيت الباب في شيراز
في بيت علي محمد الشيرازي (الباب) الواقع في شيراز بإيران، أعلن الباب عن رسالته إلى الملا حسين بشروئي في 23 مايو 1844م، بأنه المبشّر لظهور دينٍ عالميٍ سيظهر من بعده بواسطة “مَن يُظهِرُهُ الله”، أي بهاءالله.
في 3-1942م تضرّر البيت بنيرانٍ في هجومٍ شنّه أعداء الدين البهائي، وفي عام 1955م تمّ تدميره،
ولكن فيما بعد تمّ ترميمه مرةً أخرى. في عام 1979م، وبأمرٍ من الحكومة الإيرانية، تم تدميره مرةً أخرى خلال الثورة الإيرانية. وفي عام 1981م تم تحويل الموقع إلى طريقٍ وساحةٍ عامةٍ من قبل الحكومة الإيرانية .

الحج في الإسلام

بيت الله الحرام
الحَجُّ فِي الإسْلَامِ هو حج المسلمين إلى مدينة مكة في موسم محدد من كل عام، وله شعائر معينة تسمى مناسك الحج، وهو واجب لمرة واحدة في العمر لكل بالغ قادر من المسلمين. هو الركن الخامس من أركان الإسلام، لقول النبي محمد ﷺ: «بني الإسلامُ على خمسٍ: شهادةِ أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقامِ الصلاة، وإيتاءِ الزكاة، وصومِ رمضانَ، وحجِّ البيتِ لمنِ استطاعَ إليه سبيلا.
والحج فرض عين على كل مسلم بالغ قادر، لما ذكر في القرآن الكريم .
قال تعالي : ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ٢٧﴾ الحج27 .
تبدأ مناسك الحج في الثامن من شهر ذي الحجة بأن يقوم الحاج بالإحرام من مواقيت الحج المحددة، ثم يتوجهَ إلى مكة ليطوف طواف القدوم، ثم يتوجه إلى منًى لقضاء يوم التروية، ثم يتوجه إلى عرفة لقضاء يوم عرفة، ليرمي الحاجُّ بعد ذلك الجمرات في جمرة العقبة الكبرى، ويعود إلى مكة ليقوم بطواف الإفاضة، ثم يعود إلى منى لقضاء أيام التشريق، ويعود مرة أخرى إلى مكة ليقوم بطواف الوداع ومغادرة الأماكن المقدسة.
الحج شعيرة دينية شائعة وموجودة في كثير من الديانات، وكذلك الحج إلى بيوت كانت موزعة في مختلف مناطق الجزيرة العربية سميت كعبات ، ومنها الكعبة في مكة أو ما يشار اليه بالبيت الحرام تحديدا، فالحج إليه موجود من قبل الإسلام، ويعتقد المسلمون أنه شعيرة فرضها الله على أمم سابقة مثل الحنيفية أتباع ملة النبي إبراهيم، مستشهدين بالقرآن:الكريم .
قال تعالي : ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ٢٦﴾ الحج (26) .
ويقرون أن الناس كانوا يؤدونها أيام النبي إبراهيم ومن بعده، لكنهم خالفوا بعض مناسك الحج وابتدعوا فيها، ويردون ذلك إلى الحين الذي ظهرت الوثنية وعبادة الأصنام في الجزيرة العربية على يد عمرو بن لحي بحسب الرواية الدينية. وقد حجّ النبي مرة واحدة فقط هي حجة الوداع في عام 10 هـ، ويمارس المسلمون مناسك الحج المأخوذة عن تلك الحجة باعتبارها المناسك الصحيحة، مستشهدين بقوله: « خذوا عني مناسككم.»
كما ألقى النبي خطبته الشهيرة التي أتم فيها قواعد وأساسات الدين الإسلامي.
فرض الحج في السنة التاسعة للهجرة، ويجب على المسلم أن يحج مرة واحدة في عمره، فإذا حج المسلم بعد ذلك مرة أو مرات كان ذلك تطوعا منه، فقد روى أبو هريرة أن النبي محمدا قال: «يا أيها الناس، قد فرض عليكم الحج فحجوا.» فقال رجل من الصحابة: «أيجب الحج علينا كل عام مرة يا رسول الله؟» فسكت النبي، فأعاد الرجل سؤاله مرتين، فقال النبي: «لو قلت نعم لوجبت، وما استطعتم.» ثم قال: «ذروني ما تركتكم.»
شروط الحج خمسة:
الشرط الأول الإسلام بمعنى أنه لا يجوز لغير المسلمين أداء مناسك الحج؛
الشرط الثاني العقل فلا حج على مجنون حتى يشفى من مرضه؛
الشرط الثالث البلوغ فلا يجب الحج على الصبي حتى يحتلم؛
الشرط الرابع الحرية فلا يجب الحج على المملوك حتى يعتق؛
الشرط الخامس الاستطاعة بمعنى أن الحج يجب على كل شخص مسلم قادر ومستطيع .
يؤمن المسلمون أن للحج منافع روحية كثيرة وفضل كبير، والطوائف الإسلامية المختلفة، من سنية وشيعية، تؤدي مناسك الحج بنفس الطريقة، ولكن يختلف الشيعة عن أهل السنة من ناحية استحباب زيارة قبور الأئمة المعصومين وفق المعتقد الشيعي، وأضرحة وقبور أهل البيت المعروفة، وبعض الصحابة الذين يُجِّلُّونَهم.
تاريخ الحج :

رسم تخيلي لهاجر وإسماعيل في البرية.
يرجع تاريخ الحج في الإسلام إلى فترة سابقة على بعثة النبي محمد بآلاف السنين، وبالتحديد إلى عهد النبي إبراهيم الخليل. تنص المصادر الإسلامية إلى أن إبراهيم كان نازلا في بادية الشام، فلما ولد له من زوجتة هاجر إسماعيل، اغتمت زوجته سارة من ذلك غما شديدا لأنه لم يكن له منها ولد فكانت تؤذي إبراهيم في هاجر وتغمه،
فشكا إبراهيم ذلك إلى الله، فأمره أن يخرج إسماعيل وأمه عنها ، فقال: «أي رب إلى أي مكان؟» قال: «إلى حرمي وأمني وأول بقعة خلقتها من أرضي وهي مكة»، وأنزل عليه جبريل بالبراق فحمل هاجر وإسماعيل وإبراهيم، فكان إبراهيم لا يمر بموضع حسن فيه شجر ونخل وزرع إلا قال: «يا جبريل إلى ها هنا إلى ها هنا» فيقول جبريل: «لا إمض لا إمض» حتى وافى مكة فوضعه في موضع البيت، وقد كان إبراهيم عاهد سارة أن لا ينزل حتى يرجع إليها، فلما نزلوا في ذلك المكان كان فيه شجر فألقت هاجر على ذلك الشجر كساء كان معها فاستظلت تحته فلما سرحهم إبراهيم ووضعهم وأراد الانصراف عنهم إلى سارة قالت له هاجر: «لم تدعنا في هذا الموضع الذي ليس فيه أنيس ولا ماء ولا زرع؟»، فقال إبراهيم: «ربي الذي أمرني أن أضعكم في هذا المكان»، ثم انصرف عنهم فلما بلغ كدى وهو جبل بذي طوى التفت إليهم إبراهيم فقال: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ٣٧﴾ [إبراهيم:37]،
ثم مضى وبقيت هاجر و إسماعيل .

رسم عثماني للمسلمين وهم يطوفون بالكعبة بعد فتحهم مكة، ويبدو النبي محمد وقد غطي وجهه بقماش أبيض.
لما ارتفع النهار عطش إسماعيل، فقامت هاجر في الوادي حتى صارت في موضع المسعى فنادت: «هل في الوادي من أنيس؟» فغاب عنها إسماعيل، فصعدت على الصفا ولمع لها السراب في الوادي وظنت أنه ماء فنزلت في بطن الوادي وسعت فلما بلغت المروة غاب عنها إسماعيل، ثم لمع لها السراب في ناحية الصفا وهبطت إلى الوادي تطلب الماء فلما غاب عنها إسماعيل عادت حتى بلغت الصفا فنظرت إلى إسماعيل، حتى فعلت ذلك سبع مرات فلما كان في الشوط السابع وهي على المروة نظرت إلى إسماعيل وقد ظهر الماء من تحت رجليه فعدت حتى جمعت حوله رملا وكان سائلا فزمته بما جعلت حوله فلذلك سميت زمزم، وكانت قبيلة جرهم نازلة بذي المجاز وعرفات فلما ظهر الماء بمكة عكفت الطيور والوحوش على الماء فنظرت جرهم إلى تعكف الطير على ذلك المكان فاتبعوها حتى نظروا إلى امرأة وصبي نزول في ذلك الموضع قد استظلوا بشجرة قد ظهر لهم الماء فقال لهم كبير جرهم:
من أنت وما شأنك وما شأن هذا الصبي؟»، قالت: «أنا أم ولد إبراهيم خليل الرحمن وهذا ابنه أمره الله أن ينزلنا ها هنا»، فقالوا لها: «أتأذنين أن نكون بالقرب منكم؟» فقالت: «حتى أسأل إبراهيم»، فزارهما إبراهيم يوم الثالث فاستأذنته هاجر ببقاء قبيلة جرهم، فقبل بذلك،[ فنزلوا بالقرب منهم وضربوا خيامهم وأنست هاجر وإسماعيل بهم، فلما زارهم إبراهيم في المرة الثانية ونظر إلى كثرة الناس حولهم سر بذلك سرورا شديدا.
عاش إسماعيل وأمه مع قبيلة جرهم إلى أن بلغ مبلغ الرجال، فأمر الله إبراهيم أن يبني البيت الحرام في البقعة حيث أنزلت على آدم القبة، فلم يدر إبراهيم في أي مكان يبني البيت، كون القبة سالفة الذكر استمرت قائمة حتى أيام الطوفان في زمان نوح فلما غرقت الدنيا رفعها الله، وفق المعتقد الإسلامي، فبعث الله جبريل فخط لإبراهيم موضع البيت وأنزل عليه القواعد من الجنة، فبنى إبراهيم البيت ونقل إسماعيل الحجر من ذي طوى، فرفعه في السماء تسعة أذرع، ثم دله على موضع الحجر الأسود، فاستخرجه إبراهيم ووضعه في موضعه الذي هو فيه وجعل له بابين . بابا إلى المشرق وبابا إلى المغرب، فالباب الذي إلى المغرب يسمى المستجار، ثم ألقى عليه الشيح والأذخر وعلقت هاجر على بابه كساء كان معها فكانوا يكونون تحته، فلما بناه وفرغ حج إبراهيم وإسماعيل ونزل عليهما جبريل يوم التروية لثمان خلت من ذي الحجة، فقال: «يا إبراهيم قم فارتو من الماء»، لأنه لم يكن بمنى وعرفات ماء فسميت التروية لذلك، ثم أخرجه إلى منى فبات بها ولما فرغ إبراهيم من بناء البيت قال: ﴿رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير﴾.
أخذ المؤمنون برسالة إبراهيم وإسماعيل ومن خلفهما من الأنبياء يحجون إلى الكعبة سنويا ، واستمر الأمر على هذا المنوال حتى انتشرت الوثنية بين العرب أيام سيد مكة عمرو بن لحي الخزاعي، الذي يعتبر أول من أدخل عبادة الأصنام إلى شبه الجزيرة العربية، وغير دين الناس الحنيفي. وقام العرب مع مرور الزمن بنصب الأصنام والأوثان الممثلة لآلهتهم حول الكعبة، وأخذت بعض قبائل مكة تتاجر بها، فسمحت لأي قبيلة أو جماعة أخرى، بغض النظر عن دينها أو آلهتها، أن تحج إلى البيت العتيق. استمر بعض الأحناف والمسيحيون يحجون إلى الكعبة بعد انتشار الوثنية، وبعد هجرة محمد بتسع سنوات، فُرض الحج على من آمن بدعوته ورسالته، وذلك في سورة آل عمران: ﴿ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا﴾.
لم يحج المسلمون إلى مكة قبل عام 631، أي سنة فتحها على يد الرسول محمد، الذي دمر كافة الأصنام والأوثان، وطاف بالكعبة هو ومن معه وأدوا كافة المناسك الأخرى التي استقرت منذ ذلك الحين على هذا النحو.
فضل الحج :

حاج يدعو الله في المسجد الحرام.
وردت عن النبي محمد العديد من الأحاديث النبوية التي تتحدث عن فضل أداء مناسك الحج وعن الثواب الذي يجنيه المسلم جراء أداء هذا الركن من أركان الإسلام، ومن أبرز هذه الأحاديث: ما ورد في سنن الترمذي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: أن رسول الله قال: « تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة» وما ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة أنه قال: “أن رسول الله سئل أي العمل أفضل؟ فقال : « إيمان بالله ورسوله» . قيل: ثم ماذا؟ قال: «
الجهاد في سبيل الله». قيل: ثم ماذا؟ قال: « حج مبرور»”. وما ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة أنه قال: سمعت رسول الله يقول: « من حج، فلم يرفث ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه» . وما ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة أنه قال : أن رسول الله قال: « العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» . وما ورد في سنن النسائي عن أبي هريرة أنه قال: أن رسول الله قال: « جهاد الكبير والضعيف والمرأة: الحج والعمرة» . وما ورد في صحيح البخاري عن عائشة أنها قالت: قلت لرسول الله “يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: « لكن أفضل من الجهاد حج مبرور» . وما ورد في صحيح مسلم عن عائشة أنها قالت: أن رسول الله قال: « ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة .

أنواع نسك الحج

ينقسم الحج من حيث طبيعة النسك إلى ثلاثة أنواع هي:
• حج التمتع: ويعني أن الحاج ينوي أولا أداء العمرة وذلك في الأيام العشرة الأوائل من شهر ذو الحجة، ثم يحرم بها من الميقات، ويقول: «لبيك بعمرة»، ويتوجه الحاج بعد ذلك إلى مكة، وبحسب الفقه الجعفري يجب عدم التظليل عبر الجلوس تحت ما يحجب السماء مثل سقف مبنى أو سقف وسائل النقل من سيارة وغيرها أثناء الانتقال إلى مكة بالنسبة للرجال ومن يفعل ذلك من غير بأس فعليه كفارة بالنسبة للرجال، وبعد الوصول لمكة يتم المحرم مناسك العمرة من الطواف والسعي، ثم يتحلل من الإحرام بالتقصير، ويحل له كل شيء حتى النساء، ويظل كذلك إلى يوم الثامن من ذي الحجة فيحرم بالحج ويؤدي مناسكه من الوقوف بعرفة وطواف الإفاضة، والسعي وسواه، فيكون قد أدى مناسك العمرة كاملة ثم أتبعها بمناسك الحج كاملة أيضا. ويعد حج التمتع أفضل أنواع الحج عند الحنابلة والشيعة، ويشترط لصحة التمتع أن يجمع بين العمرة والحج في سفر واحد، وفي أشهر الحج، وفي عام واحد .
• حج القران: ويعني أن ينوي الحاج عند الإحرام الحج والعمرة معا فيقول: «لبيك بحج وعمرة »، ثم يتوجه إلى مكة ويطوف طواف القدوم، ويبقى محرما إلى أن يحين موعد مناسك الحج، فيؤديها كاملة من الوقوف بعرفة، ورمي جمرة العقبة، وسائر المناسك، وليس على الحاج أن يطوف ويسعى مرة أخرى للعمرة بل يكفيه طواف الحج وسعيه، وذلك لما ورد في صحيح مسلم أن رسول الله قال لعائشة: « طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك» . ويعد حج القران أفضل أنواع الحج عند الأحناف .
• حج الإفراد : ويعني أن ينوي الحاج عند الإحرام الحج فقط ويقول: «لبيك بحج» ثم يتوجه إلى مكة ويطوف طواف القدوم، ويبقى محرما إلى وقت الحج، فيؤدي مناسكه من الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة، ورمي جمرة العقبة، وسائر المناسك، حتى إذا أنهى المناسك بالتحلل الثاني خرج من مكة وأحرم مرة أخرى بنية العمرة – إن شاء الله – وأدى مناسكها. والإفراد أفضل أنواع النسك عند الشافعية والمالكية؛ لأن حجة الرسول كانت عندهم بالإفراد.

المناسك

ميقات قرن المنازل

.

ميقات أهل المدينة المنورة، يسمى أبيار علي أو آبار علي أو ذو الحليفة
تنقسم مواقيت الحج إلى مواقيت زمانية ومواقيت مكانية ، المواقيت الزمانية : هي الشهور المحددة لتكون زمنا للحج، وهذه الشهور هي شوال، ذو القعدة وذو الحجة، وتحديدا من أول شهر شوال إلى يوم العاشر من ذي الحجة. أما المواقيت المكانية : فهي الأماكن التي حددها النبي محمد لمن أراد أن يحرم لأداء مناسك الحج والعمرة، وهي كالتالي:
• ذو الحليفة : تسمى الآن آبار علي وهي أبعد المواقيت عن مكة، وهي الميقات المخصص لأهل المدينة المنورة وكل من أتى عليها من غير أهلها، وتبعد عنها حوالي 18 كم.
• الجحفة: وهي ميقات أهل الشام ومصر وكل دول المغرب العربي ومن كان وراء ذلك، وقد اندثرت هذه القرية حاليا ، ولما كانت محاذية لمدينة رابغ وقريبة منها حلت مدينة رابغ محلها فأصبحت هي الميقات البديل.
• قرن المنازل : يسمى أيضا ميقات السيل الكبير، وهو الميقات المخصص لأهل نجد، ودول الخليج العربي وما وراءهم، ويبعد عن مكة حوالي 74 كم تقريبا.

مسجد ميقات يلملم (السعدية)
• يلملم: وهو ميقات أهل اليمن، وكل من يمر من ذلك الطريق، وسمي الميقات بهذا الاسم نسبة لجبل يلملم في تهامة .
• ذات عرق : هو ميقات أهل العراق وما ورائها، وهذا الميقات لم يذكر في حديث النبي محمد عن المواقيت، ولكن تم تحديده من خلال الخليفة عمر بن الخطاب.
• ميقات أهل مكة : أهل مكة يحرمون من بيوتهم أو المسجد الحرام إن شاءوا ، إلا للعمرة فإن عليهم أن يخرجوا إلى حدود الحرم للإحرام إما من التنعيم أو عرفة .

المدخل الرئيسي لميقات وادي محرم
• وادي محرم: هو الميقات الذي يحرم منه الحجاج والمعتمرون المارون من الشرق بالهدا، الطائف.
وهم في الغالب من أهل نجد ممن يرغب النزول عن طريق جبل كرا ، ويسيل من الجبال الواقعة بين جبال غفار غرباً وجبل الغمير شرقاً ، ويقع جنوب وادي قرن في لحف جبل كرا.
• التنعيم: هو أحد مساجد مكة ، يعتبر مسجد التنعيم أحد مواقيت الإحرام لأهل مكة المكرمة .
• الجعرانة: أحد مساجد مكة المكرمة، والجعرانة فيها مسجد يعتمر منه أهل مكة، وهي حد الحرم المكي من الجهة الشمالية الشرقية لمكة المكرمة.

مواقع مواقيت الحج والعمرة
الإحرام

مراحل رحلة الحج.
الإحرام هو الركن الأول من أركان الحج، وهو نية الدخول في النسك مقرونا بعمل من أعمال الحج كالتلبية،
وهو واجب من واجبات الإحرام بمعنى أن على من تركه فدية، إما أن يذبح شاة ، أو يصوم ثلاثة أيام ، أو يطعم ستة مساكين. إذا وصل المسلم إلى الميقات وأراد أن يحرم فيستحب له أن يقص أظفاره ويزيل شعر العانة ، وأن يغتسل ويتوضأ. ثم يلبس بعد ذلك ملابس الإحرام ، بالنسبة للرجل فيلبس إزار ورداء أبيضين طاهرين، أما المرأة فتلبس ما تشاء من اللباس الساتر دون أن تتقيد بلون محدد ، لكن تجتنب في إحرامها لبس النقاب والقفازين فتستر وجهها عن الرجال الأجانب بغير النقاب وتَسْدُلُ الثَّوبَ على وَجْهِها إن شاءَت. بعد ذلك يصلى الحاج ركعتي الإحرام، ثم ينوي بعد ذلك الحج بقلبه أو بلسانه، فأما الحاج المتمتع فيقول: «لبيك بعمرة» لإنه سيقوم بأداء مناسك العمرة أولا قبل الحج ، أما الحاج المقرن فيقول: «لبيك بحج وعمرة»، أما الحاج المفرد فيقول: «لبيك بحج».
محظورات الإحرام :

ملابس الإحرام.
محظورات الإحرام يقصد بها الأمور التي يمنع المحرم من فعلها بسبب إحرامه، وتنقسم المحظورات إلى محظورات مشتركة بين الرجال والنساء، ومحظورات خاصة بالنساء وأخرى بالرجال، أما المحظورات المشتركة : فهي إزالة الشعر، تقليم الأظافر، الجماع أو مباشرة النساء لشهوة ، التطيب أي وضع العطر في البدن أو في ثياب الإحرام، قتل الصيد البري كالأرانب و الغزلان وخلافه ، وعقد الزواج. أما المحظورات الخاصة بالرجال : فهي لبس الملابس المخيطة، وهو أن يلبس الثياب ونحوها مما هو مفصل على هيئة البدن كالقميص أو البنطال، كما يحرم عليه إنزال المني باستمناء أو جماع ، وتغطية الرأس بملاصق، كالطاقية وما شابهها. أما المحظورات الخاصة بالنساء : فهي لبس القفازين أو النقاب ويباح لها أن تَسْدُلُ الثَّوبَ على وَجْهِها إن شاءَت فإن فعل المحرم المحظور جاهلا أو ناسيا أو مكرها فلا إثم عليه ولا فدية، وإن فعل المحرم المحظور لحاجة إليه فلا إثم عليه ولكن عليه فدية .
إذا انتهى الحاج من إحرامه خرج من الميقات ، فإذا وصل مكة فدخلها يستحب له أن يقول : «اللهم هذا حرمك وأمنك فحرم لحمي ودمي على النار وأمنى من عذابك يوم تبعث عبادك واجعلني من أوليائك وأهل طاعتك يا رب العالمين ، وعندما يدخل المسجد الحرام يقول : «لا إله إلا الله والله أكبر اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة ورفعة وبرا ، وزد من زاره شرفا وتعظيما وتكريما ومهابة ورفعة وبرا ، بالنسبة للحاج المتمتع فيقوم بأداء مناسك العمرة أولا من طواف وسعي ثم يتحلل من إحرامه ، ويظل كذلك إلى يوم الثامن من ذي الحجة فيحرم بالحج ثم يتوجه إلى منى لقضاء يوم التروية. أما الحاج المقرن والمفرد فيطوف طواف القدوم ويبقى محرما إلى يوم الثامن فيتوجه إلى منى لقضاء يوم التروية.
يوم التروية

الحجاج في يوم التروية.

يوم التروية هو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة ، وسمي بهذا الاسم لأن الناس كانوا يتروون من الماء فيه يعدونه ليوم عرفة، وقيل : سمي بذلك لأن إبراهيم عليه السلام رأى تلك الليلة في المنام ذبح ابنه فأصبح يروي في نفسه أهو حلم ؟ أم من الله؟ فسمي يوم التروية ، بالنسبة للحاج المقرن والمفرد فهما يبقيان على إحرامهما من الميقات، أما الحاج المتمتع فيحرم بالحج ، والمستحب أن يحرم به صباحا قبل الزوال، يتوجه الحاج بعد ذلك إلى مشعر منى لقضاء هذا اليوم والمبيت بها بعد التنسيق مع مطوفي الحجاج ، والمبيت في منى سنة وليس واجب؛ بمعنى أن الحاج لو تقدم إلى عرفة ولم يبت في منى في ليلة التاسع فلا حرج عليه ، ومنى منطقة صحراوية تبعد حوالي 7 كم شمال شرق مكة على الطريق الرابط بين مكة ومزدلفة ، ويستحب للحاج الإكثار من الدعاء والتلبية أثناء فترة إقامته في منى ، كما يقوم الحاج بأداء صلاة الظهر وصلاة العصر وصلاة المغرب وصلاة العشاء قصرا دون جمع ؛ بمعنى أن كل صلاة تصلى منفردة ، ثم يقضي ليلته هناك، ويصلي الحاج بعد ذلك صلاة الفجر ويخرج من منى متجها إلى عرفة لقضاء يوم الحج الأكبر.
يوم عرفة:

الحجاج على صعيد جبل عرفة في اليوم حامل ذات الاسم
.
جبل عرفة.

يوم عرفة هو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وهو أهم أركان الحج، وقد تعددت الروايات التي تتحدث عن سبب تسمية عرفة بهذا الاسم، لكن الروايتين الأكثر تأكيداً هما ؛ أن أبو البشر آدم التقى مع حواء وتعارفا بعد خروجهما من الجنة في هذا المكان ولهذا سمي بعرفة ، والثانية أن جبريل طاف بالنبي إبراهيم فكان يريه مشاهد ومناسك الحج فيقول له : «أعرفت أعرفت؟» فيقول إبراهيم: «عرفت عرفت» ولهذا سميت عرفة. تقع عرفة شرق مكة على الطريق الرابط بينها والطائف بنحو 22 كم، تبلغ مساحتها حوالي 10,4 كم²، تبعد عن منى حوالي 10 كم، وعن مزدلفة حوالي 6 كم. وعرفة عبارة عن سهل واسع مستو ى على شكل قوس كبير، تحيط الجبال بأطراف هذا القوس، ووتر هذا القوس هو وادي عرنة. يحدها من الشمال الشرقي جبل سعد، ومن الشرق جبل أمغر، ومن الجنوب سلسلة جبيلة سوداء اللون، أما في الغرب والشمال الغربي فيوجد وادي عرنة والطريق الرابط بين مكة والطائف.
مع شروق شمس يوم التاسع من ذي الحجة يخرج الحاج من منى متوجهاً إلى عرفة للوقوف بها، والوقوف بعرفة يتحقق بوجود الحاج في أي جزء من أجزاء عرفة، سواء كان واقفا أو راكبا أو مضطجعا، لكن إذا لم يقف الحاج داخل حدود عرفة المحددة في هذا اليوم فقد بطل حجه، يعد الوقوف بعرفة أهم ركن من أركان الحج وذلك لقول النبي محمد : الحج عرفة فمن جاء قبل صلاة الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه . وقد وردت بعض الأحاديث النبوية التي تتحدث عن فضل هذا اليوم منها : ما رواه أبو هريرة عن النبي محمد أنه قال : « إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء ، فيقول لهم : انظروا إلى عبادي جاءوني شعثا غبرا ، وما روته عائشة عن النبي محمد أنه قال: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدا من النار من يوم عرفة ، وإنه ليدنو يتجلى ، ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ اشهدوا ملائكتي أني قد غفرت لهم .

منظر عام لمزدلفة
وقت الوقوف بعرفة هو من زوال شمس يوم عرفة إلى طلوع فجر اليوم التالي وهو أول أيام عيد الأضحى ويصلي الحاج صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين ، ويستحب للحاج في يوم عرفة أن يكثر من الدعاء والتلبية وذلك لقول النبي محمد : «خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، يبقى الحجاج في عرفة حتى غروب الشمس ، فإذا غربت الشمس ينفر الحجاج من عرفة إلى مزدلفة للمبيت بها ، ويصلي بها الحاج صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير ؛ بمعنى أن يؤخر صلاة المغرب حتى دخول وقت العشاء ،
ويستحب للحاج الإكثار من الدعاء والأذكار، ويتزود الحاج بالحصى وعددها 7 حصاة . فوق حجم الحمص وأقل من البندق. وذلك لرمي الجمرات كلها، ثم يقضي ليلته في مزدلفة حتى يصلي الفجر، بعد ذلك يتوجه الحاج إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى .
عيد الأضحى

إعداد الأضحية.
اليوم العاشر من ذي الحجة هو يوم عيد الأضحى، بعد صلاة الفجر يخرج الحاج من مزدلفة متوجها إلى مشعر منى وذلك لرمي جمرة العقبة الكبرى، وقت الرمي المحدد هو من فجر يوم عيد الأضحى إلى فجر اليوم التالي ، ولكن السنة أن يكون الرمي ما بين طلوع الشمس إلى الزوال ، ويجوز الرمي بعد الغروب إلى الفجر لكن لعذر ، عند وصول الحاج يقطع التلبية . ويستحب له أن يجعل منى عن يمينه ، والكعبة عن يساره، وجمرة العقبة أمامه ، أما الرمي من فوق الجسر فمن أي جهة كانت ، رمي الجمرة يتم بحيث تضرب الحصية في شاخص الجمرة أو تقع في الدائرة المحيطة به ، ثم يقوم الحاج برمي الشاخص بسبع حصيات متعاقبات، يرفع يده مع كل حصاة ، ويكبر قائلا «بسم الله، والله أكبر، رغما للشيطان وحزبه وإرضاء للرحمن .

شاخص جمرة العقبة الكبرى.
إذا فرغ الحاج من رمي جمرة العقبة قام بذبح الهدي،[96] وهي الإبل أوالبقر أو الغنم، والنحر واجب على الحاج المتمتع والقارن فقط، ويستحب أن يقول عند ذبحه أو نحره «بسم الله والله أكبر اللهم منك ولك، اللهم تقبل مني»، ويسن ذبح الشاة على جنبها الأيسر وفي اتجاه القبلة ، ويستحب للحاج أن يأكل منها ويتصدق منها أيضا، ويمتد وقت الذبح إلى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق ، ويجوز للحاج أن يذبح في منى أو في مكة ، وذلك لقول النبي محمد: كل عرفة موقف وكل منى منحر وكل المزدلفة موقف وكل فجاج مكة طريق ومنح .
ثم إذا فرغ الحاج من ذبح الهدي لمن كان له هدي ، حلق رأسه أو قصره ، والحلق هو الأفضل للرجال ذلك لأن النبي محمد دعا بالرحمة والمغفرة للمحلقين ثلاث مرات وللمقصرين مرة واحدة ، أما المرأة فليس عليها إلا التقصير بأن تأخذ من كل قرن قدر الأنملة أو أقل . بعد رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير يباح للمحرم كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النساء ويسمى هذا التحلل الأول، فإذا تحلل الحاج التحلل الأول استحب له أن يتطيب ويستحب له أن يتنظف ويلبس أحسن ثيابه .
يتوجه الحاج بعد الأعمال السابقة إلى مكة ليطوف حول الكعبة، ويسمى هذا الطواف طواف الإفاضة ، وهو ركن من أركان الحج ، وقد ذكر في القرآن في الآية: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ٢٩﴾ [الحج 29]، ثم يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم ويستحب أن يشرب من ماء زمزم بعد الطواف وصلاة الركعتين يسعى الحاج بين الصفا والمروة في حالة إذا كان الحاج متمتعا ، وذلك لأن سعيه الأول كان للعمرة أما هذا السعي فللحج ، أما الحاج القارن والمفرد فليس عليه إلا سعي واحد ، فإن كان قد سعاه بعد طواف القدوم كفاه ذلك عن السعي بعد طواف الإفاضة، وإلا سعى بعد طواف الإفاضة، وبهذا يتحلل الحاج التحلل الثاني ، ويحل له كل شيء حرم عليه بالإحرام حتى النساء ، ثم يرجع الحاج بعد ذلك إلى منى ليبيت بها أيام التشريق .
أيام التشريق:

رمي الجمرات.

أيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي تتبع يوم النحر ، وهي أيام الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجة، وسميت بأيام التشريق لأن الناس كانوا يشرقون فيها لحوم الأضاحي ويبرزونها للشمس ، وقيل لأن صلاة عيد الأضحى تقام بعد شروق الشمس وأن هذه الأيام تتبع يوم العيد فسميت أيام التشريق ، وفي هذه الأيام يقوم الحجاج برمي الجمرات الثلاث الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى على الترتيب . اليوم الحادي عشر وهو أول أيام التشريق ، فيه يقوم الحاج برمي الجمرات الثلاث متعاقبة ، بدء من وقت الزوال وحتى غروب الشمس ،
وفي كل مرة يرمي الحاج سبع حصيات ويكبر مع كل حصاة ، ثم يقف للدعاء ، عدا جمرة العقبة الكبرى فينصرف بعد الرمي مباشرة ، ويقضي الحاج ليلته في منى ، وكذلك الحال في ثاني وثالث أيام التشريق .
بعد انتهاء الرمي ثاني أيام التشريق يجوز للحجاج المتعجلين الخروج من منى قبل غروب الشمس والتوجه إلى مكة، ويسمى ذلك بالنفر الأول ، أما من تأخر في الخروج من منى ؛ فعليه ان يقضي ليلته ، ويرمي الجمرات في ثالث أيام التشريق ويخرج بعد ذلك ، ويسمى ذلك النفر الثاني .
طواف الوداع :

الطواف حول الكعبة.

بعد أن ينتهي الحجاج من رمي الجمرات ومغادرة مشعر منى ، وأرادوا الخروج من مكة والعودة إلى بلدانهم بعد الانتهاء من المناسك وجب عليهم أن يطوفوا طواف الوداع ، بأن يطوفوا حول الكعبة سبعة أشواط ، ويصلوا خلف مقام إبراهيم ركعتين ختاما للمناسك وليكون آخر عهدهم المسجد الحرام قبل مغادرتهم لمكة المكرمة، وذلك لما ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عباس أنه قال: «كان الناس ينصرفون من كل وجه» ، فقال النبي محمد: « لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت» ، بمعنى أنه طواف الوداع واجب على كل الحجاج ، وذكر في صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس أنه قال : «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض» ، بمعنى أن الحائض والنفساء ليست مطالبة بأداء الطواف ولا حتى فدية ، وبعد الانتهاء من الطواف يخرج الحجاج من مكة عائدين إلى بلدانهم .
مناسك الحج في المنظور الشيعي:

مسجد الإمام علي بالنجف

مسجد الإمام علي بالنجف حيث دفن علي بن أبي طالب حسب الرواية الأكثر شيوعا. يعتبر هذا المسجد من أهم المزارات عند الشيعة. والحج عند الشيعة ثلاثة أقسام أيضا لا يصح الحج إلا على أحدها : تمتع ، وقران ، وافراد. وقد ورد عن محمد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن العباس والحسن ، عن علي، عن فضالة ، عن معاوية ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن معاوية ، عن أبا عبد الله أنه قال في القارن : «لا يكون قران إلا بسياق الهدي، وعليه طواف بالبيت، وركعتان عند مقام إبراهيم، وسعي بين الصفا والمروة، وطواف بعد الحج، وهو طواف النساء، وأما المتمتع بالعمرة إلى الحج فعليه ثلاثة أطواف بالبيت، وسعيان بين الصفا والمروة.
كذلك يؤمن الشيعة أن التمتع فرض على كل من كان منزله يبعد مسافة ثمانية وثمانين كيلومترا عن مكة المكرمة وعلى من يحج حجة المتمتع إذا قدم مكة طواف بالبيت، وركعتان عند مقام إبراهيم، وسعي بين الصفا والمروة، ثم يقصر وقد أحل هذا للعمرة وعليه للحج طوافان طواف الحج وطواف النساء، وسعي بين الصفا والمروة، ويصلي عند كل طواف بالبيت ركعتين عند مقام إبراهيم ووقوف في عرفات ومبيت ليلة في مزدلفة ومبيت ليلتين في منى ورمي الجمرات وحلق ونحر ثم يفيض مع الحجاج ظهر يوم الثاني عشر من ذي الحجة بعد صلاة الظهر في منى . وأما المفرد للحج فعليه طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيم، وسعي بين الصفا والمروة، وطواف الزيارة ، وهو طواف النساء وليس عليه هدي ولا أضحية. أما بالنسبة لمواقيت الحج فهي نفسها عند أهل السنة والجماعة . يعتبر الشيعة زيارة المدينة المنورة من المستحبات المؤكدة لديهم . وهناك يجب زيارة النبي محمد بن عبد الله وزيارة فاطمة الزهراء التي لا يعرف الشيعة قبرها بالتحديد ولكن يزورونها عن بعد من أماكن مختلفة. وكذلك زيارة مقبرة البقيع المدفون فيها أربعة من أئمة الشيعة بالإضافة إلى الكثير من الشخصيات التي يعظمها الشيعة من الصحابة وغيرهم. إلى جانب طقس الجد إلى الكعبة في مكة ، يقوم المسلمون الشيعة بشد الرحال إلى مراقد وقبور الأئمة ، وزيارة قبر علي بن أبي طالب ، ابن عم نبي الإسلام محمد بن عبد الله، وولده الحسين بن علي ، والوقوف عند هذه المراقد والدعاء . ومما ورد عن استحباب زيارة قبر النبي والأئمة.
عن أبي عبد الله قال: قال رسول الله : “من أتى مكة حاجًا ولم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة ،
ومن أتاني زائرًا وجبت له شفاعتي ، ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة ، ومن مات في أحد الحرمين مكة والمدينة لم يعرض ولم يحاسب ، ومن مات مهاجرًا إلى الله حشر يوم القيامة مع أصحاب بدر» . ويذهب الشيعة إلى جواز طواف الحاج بببت الله الحرام نيابة عن الأئمة فعن محمد بن يعقوب ، عن أبي علي الاشعري ، عن الحسن بن علي الكوفي، عن علي بن مهزيار ، عن موسى بن القاسم قال:

قلت لأبي جعفر الثاني : قد أردت أن أطوف عنك وعن أبيك، فقيل لي : إن الاوصياء لا يطاف عنهم، فقال : بلى، طف ما أمكنك، فإن ذلك جائز، ثم قلت له بعد ذلك بثلاث سنين: إني كنت استأذنتك في الطواف عنك وعن أبيك، فأذنت لي في ذلك، فطفت عنكما ما شاء الله ، ثم وقع في قلبي شيء فعملت به، قال : وماهو؟ قلت : طفت يوما عن رسول الله ، فقال ثلاث مرات : صل الله على رسول الله ،
ثم اليوم الثاني عن أمير المؤمنين ، ثم طفت اليوم الثالث عن الحسن ، والرابع عن الحسين ، والخامس عن علي بن الحسين ، واليوم السادس عن أبي جعفر محمد بن علي ، واليوم السابع عن جعفر بن محمد، واليوم الثامن عن أبيك موسى، واليوم التاسع عن أبيك علي ، واليوم العاشر عنك يا سيدي، وهؤلاء الذين أدين الله بولايتهم، فقال: إذا والله تدين الله بالدين الذي لا يقبل من العباد غيره، فقلت: وربما طفت عن أمك فاطمة، وربما لم أطف، فقال: استكثر من هذا فإنه أفضل ما أنت عامله، إن شاء الله.

إدارة الحج:

تقوم المملكة العربية السعودية عبر وزارة الحج والعمرة بالتنسيق والأشراف على تنظيم قدوم الحجاج عبر البعثات الرسمية للدول والشركات والوكالات السياحية ومنح التأشيرات للمسلمين القادمين لأداء فريضة الحج أو العمرة في مكة والمدينة بالإضافة إلى الحجاج من داخل المملكة السعودية، وتعنى بتأمين وتسهيل انتقال الحجيج والمعتمرين بالإضافة إلى الخدمات الميدانية.
سورة الحج :

آيات من سورة الحج في مصحف عثمان بطشقند أوزبكستان بالخط الكوفي.
سورة الحج سورة مدنية إلا الآيات 52: 55 فنزلت بين مكة والمدينة المنورة، من المئين، آياتها 78، وترتيبها في المصحف 22، في الجزء السابع عشر، السورة بها سجدتين في الآية رقم 18و77، نزلت بعد سورة النور،
بدأت بأسلوب نداء ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ١﴾ ،
وسُميت على اسم الحج وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، وتضمنت مواضيع كثيرة منها يوم القيامة والبعث والنشور والعبودية لله والإذن بالجهاد .
سبب التسمية:
سميت سورة الحج تخليدا لدعوة الخليل إبراهيم، حين انتهى من بناء البيت العتيق ونادى لحج بيت الله الحرام، فتواضعت الجبال حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وأسمع في الأصلاب والأرحام وأجابوا النداء لبيك اللهم لبيك
1. فالحج يذكرنا بيوم القيامة وبزحمة ذلك اليوم والناس يملأون أرجاء الأرض وكلهم متجهون إلى مكان واحد في لباس واحد في حرّ الشمس (النفرة من مزدلفة والنزول من عرفة والتوجه لرمي الجمرات) . ولذا جاءت الآيات في أول السورة عن يوم القيامة ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ١ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ٢﴾ .
وكم تساءلنا عند قراءتنا لسورة الحج ما الرابط بين يوم القيامة وسورة الحج ! والآن وضحت الصورة وفهمنا مراد الله من هذه الآيات فما أنزل الله الآيات إلا في مكانها المناسب بتدبير وحكمة لا يعلمها إلا هو ولكن العبد يجتهد في تحرّي هذا المعنى حتى يفهم هدف الآيات التي يتلوها فسبحان الحكيم القدير.
2. والحج يذكرنا بيوم البعث، فمنظر الحجيج في مزدلفة وهم نيام بعد وقوفهم في عرفة عليهم آثار التعب ويعلوهم التراب والغبار ثم يؤذن لصلاة الصبح فتراهم يقومون وينفضون عنهم التراب كما لو أنهم بعثوا من قبورهم يوم البعث .
3. والحج يذكرنا بالجهاد ولذا جاءت آيات الجهاد في السورة بعد آيات الحج لأنّ الحج تدريب قاس على الجهاد لما فيه ارتحال من مكان لآخر وتعب والتزام بأوقات ومشاعر أمر بها الله وعلّمنا إياها رسولنا الكريم.
4. والحج يذكرنا بالعبودية الخالصة لله الله فالكل في الحج يدعون إلهاً واحدا في عرفة حتى الشجر والدواب والطير والسموات والأرض كلهم يدعو ربه ويسبحه لكن لا نفقه تسبيحهم. ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ١٨﴾ [الحج:18].

موضوع السورة:
ابتدأت السورة الكريمة بمطلع عنيف ومخيف، ترتجف له القلوبُ، وتطيش لهوله العقول، ذلكم هو الزلزال العنيف الذي يكون بين يدي الساعة، ويزيد في الهول على خيال الإِنسان، لأنه لا يدك الدور والقصور فحسب، بل يصل هولُه إلى المرضعات الذاهلات عن أطفالهن، والحوامل المسقطات حملهن، والناس الذين يترنحون كأنهم سكرى من الخمر، وما بهم شيء من السكر والشراب، ولكنه الموقف المرهوب، الذي تتزلزل له القلوب ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ١﴾ [الحج:1] … الآيات.
• ومن أهوال الساعة إلى أدلة البعث والنشور، تنتقل السورة لتقيم الأدلة والبراهين على البعث بعد الفناء، ثم الانتقال إلى دار الجزاء، لينال الإِنسان جزاءه إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
• وتحدثت السورة عن بعض مشاهد القيامة، حيث يكون الأبرار في دار النعيم، والفجار في دار الجحيم.
• ثم انتقلت للحديث عن الحكمة من الإِذن بقتال الكفار، وتناولت الحديث عن القرى المدمرة بسبب ظلمها وطغيانها، وذلك لبيان سنة الله في الدعوات، وتطميناً للمسلمين بالعاقبة التي تنتظر الصابرين.
• وفي ختام السورة ضربت مثلاً لعبادة المشركين للأصنام، وبيَّنت أن هذه المعبودات أعجز وأحقر من أن تخلق ذبابة فضلاً عن أن تخلق إنساناً سميعاً بصيراً، ودعت إلى اتباع ملة الخليل إبراهيم كهف الإِيمان، وركن التوحيد.
في ختام السورة تأتي آية سجدة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ٧٧﴾ [الحج:77] .
وهناك مفارقة بين هذه السجدة والسجدة في سورة العلق ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ١٩﴾ فالسجدة في سورة العلق كانت أول آية سجدة في القرآن وهي خاصة بالرسول وحده أما آية السجدة في آخر سورة الحج فهي آخر آية سجدة نزلت وهي موجهة للمؤمنين جميعاً .
سبب النزول:
– قال الله تعالى: (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين (11).
* سبب النزول:
أخرج البخاري عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: (ومن الناس من يعبد الله على حرف) قال: كان الرجل يقدم المدينة، فإن ولدت امرأته غلاما ونتجت خيله قال: هذا دين صالح، وإن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله، قال: هذا دين سوء .
– قال الله تعالى: (هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم) (19)
* سبب النزول:
أخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه عن أبي ذر – رضي الله عنه – أنه كان يقسم قسما: إن هذه الآية: (هذان خصمان اختصموا في ربهم). نزلت في الذين برزوا يوم بدر: حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث، وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة، واختار هذا سبباً للنزول القرطبي والشنقيطي .
– قال الله تعالى: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير (39)
* سبب النزول:
أخرج أحمد والترمذي والنسائي عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: لما أخرج النبي – صلى الله عليه وسلم – من مكة، قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون، ليهلكن. فنزلت: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) قال: فعرف أنه سيكون قتال. قال ابن عباس: هي أول آية نزلت في القتال.
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة. وقد أورد الطبري وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير هذا الحديث عند تفسيرها ومعه غيره من الأقوال.
وقال ابن عاشور: (وذلك أن المشركين كانوا يؤذون المؤمنين بمكة أذى شديدا فذكر كلاما حتى قال: فلما هاجر نزلت هذه الآية بعد بيعة العقبة إذنا لهم بالتهيؤ للدفاع عن أنفسهم ولم يكن قتال قبل ذلك كما يؤذن به قوله تعالى عقب هذا: (الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق) اهـ، ومما يتبيّن من أقوال المفسرين أن الآية نزلت بالإذن للرسول صلى الله عليه وسلم والأصحاب بالقتال، إلا أنه ليس هناك ارتباط بين الأية والحديث لكونه مرسلاً؛ وهذا يضعّف الارتباط.
تم والحمد لله .

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *